افريقيا ـ السودان
في مشهد يعيد إلى الأذهان لحظة إعلان تحرير ولاية الجزيرة، أطل الفريق أول شمس الدين كباشي من مدينة الأبيض بشمال كردفان، بخطاب عسكري حاد، وصفه مراقبون بأنه “إشارة انطلاق لمرحلة جديدة من الحسم الميداني”.
كباشي، أحد أبرز قادة الجيش السوداني، قالها صراحة: “فكّينا اللجام… والأبيض مجرد محطة”، في إشارة واضحة إلى أن العمليات العسكرية لن تتوقف عند حدود كردفان، بل ستتجه نحو دارفور، حيث تُحاصر مدينة الفاشر منذ أشهر.
من الجزيرة إلى كردفان: تشابه في التكتيك واختلاف في الجغرافيا
عملية تحرير الجزيرة في مطلع العام الجاري شكّلت نقطة تحول في مسار الحرب، حيث نجح الجيش في استعادة مدن استراتيجية خلال أيام، بعد تحشيد منظم انطلق من كوستي.
اليوم، يبدو أن الأبيض تلعب الدور ذاته، كنقطة انطلاق نحو استعادة السيطرة على مدن مثل الخوي والدبيبات والنهود، التي تُعد بوابات نحو دارفور.
لكن الفارق الجغرافي والسياسي لا يمكن تجاهله. فبينما كانت الجزيرة ذات طابع مدني خالص، فإن كردفان ودارفور تشهدان تداخلًا قبليًا، وانتشارًا لجماعات مسلحة مستقلة، ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا.
خطاب الحسم ( لا تفاوض) ..
كباشي أغلق باب التفاوض تمامًا، مؤكدًا أن الحرب لن تتوقف إلا بـ”استسلام الخونة والمارقين”، وهو ما يعكس توجهًا نحو الحسم العسكري الكامل، بعيدًا عن أي مساعٍ للوساطة أو الحل السياسي.
هذا الخطاب يتقاطع مع تصريحات سابقة لقيادات عسكرية، تؤكد أن الجيش لن يقبل بوجود أي قوة موازية أو خارجة عن السيطرة في الإقليم.
تداعيات إقليمية محتملة
تحركات الجيش في كردفان ودارفور قد تُعيد خلط الأوراق إقليميًا، خاصة في ظل التوترات مع دول الجوار مثل تشاد والجزائر، والتداخل الحدودي مع ليبيا.
كما أن أي تصعيد في دارفور قد يُفاقم الأزمة الإنسانية، ويُعقّد جهود المنظمات الدولية في إيصال المساعدات، وسط نزوح متزايد وانهيار للخدمات الأساسية.
تصريحات كباشي ليست مجرد خطاب تعبوي، بل تحمل دلالات استراتيجية، تُشير إلى أن الجيش السوداني يُعيد رسم خارطة العمليات، مستندًا إلى تجربة الجزيرة، لكن في بيئة أكثر تعقيدًا.
يبقى السؤال: هل ينجح الجيش في تكرار سيناريو الحسم؟ أم أن دارفور ستفرض معادلات جديدة على الأرض؟



